
تعديلات قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويت 2025
مقدمة: تهيئة المشهد للإصلاحات القانونية والاقتصادية في الكويت
تشهد دولة الكويت جهودًا متواصلة لتعزيز إطارها الاقتصادي والقانوني، بما يتماشى مع رؤيتها التنموية الطموحة “كويت جديدة 2035” التي تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي جاذب للاستثمارات العالمية.
وتسعى الكويت إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط وتشجيع المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعتبر الإصلاحات القانونية جزءًا لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية الشاملة. وفي هذا السياق، برزت مؤخرًا تعديلات جوهرية على قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 38 لسنة 1980 وقانون الإفلاس الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2020. ويشير توقيت صدور هذه التعديلات في أوائل عام 2025 إلى نهج استباقي لمواجهة التحديات الاقتصادية الناشئة وتعزيز ثقة المستثمرين.
كما يعكس التتابع الزمني لصدور هذه المراسيم بقوانين جهدًا منسقًا لإصلاح كل من آليات إنفاذ الديون وإطار الإعسار. يهدف هذا المقال إلى شرح وتحليل هذه التعديلات الجديدة، مع التركيز على تأثيرها في حماية حقوق الدائنين وتحسين البيئة الاقتصادية والاستثمارية في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، سيتم التطرق إلى أهمية تحسين المقال لمحركات البحث باستخدام إضافتي Rank Math و Yoast لضمان وصوله إلى أوسع شريحة من المهتمين.
تحليل تعديلات قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويت 2025
صدر المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، والذي أدخل تغييرات على عدة مواد بهدف تعزيز حقوق الدائنين وتسريع إجراءات التنفيذ. وقد طرأت تعديلات على المادة 214 التي تتعلق بشطب الإشكال أو وقفه، حيث أصبح القرار الصادر في هذا الشأن قرارًا قضائيًا وليس حكمًا، كما أضيفت حالة جديدة لزوال الأثر الواقف للتنفيذ وهي حالة الحكم بوقف الدعوى جزائيًا وفقًا للمادة 70 من القانون. ويهدف هذا التعديل إلى ردع الاعتراضات الكيدية وتسريع عملية التنفيذ، مما يعود بالنفع المباشر على الدائنين، حيث أن فرض عقوبات مالية على من يحاولون دون جدوى عرقلة التنفيذ يثبط من التكتيكات التأخيرية، مما يؤدي إلى تسوية أسرع للدائنين.
كما شملت التعديلات المادة 227 (الفقرة الثانية) لتوسيع نطاق الحجز ليشمل المنقولات أو الديون المستقبلية للمدين. ويعزز هذا التعديل قدرة الدائنين على استرداد ديونهم من خلال تغطية مجموعة أوسع من أصول المدين، حيث يضمن توسيع نطاق الحجز أن يتمكن الدائنون من متابعة ليس فقط الأصول الحالية ولكن أيضًا تلك التي قد تؤول إلى المدين في المستقبل، مما يزيد من احتمالية الاسترداد الكامل.8
وجرى تفصيل التغييرات في المادة 230 (البند هـ)، والتي تلزم المحجوز لديه بتقديم تقرير عن أموال المدين الموجودة لديه إلى إدارة التنفيذ خلال عشرة أيام من إعلانه بالحجز. ويؤدي ذلك إلى تبسيط عملية الحصول على معلومات حول الوضع المالي للمدين، مما يجعلها أكثر كفاءة بالنسبة للدائنين، حيث أن مركزية عملية الإبلاغ داخل إدارة التنفيذ وتحديد إطار زمني واضح يحسنان الكفاءة ويقللان من التأخيرات البيروقراطية للدائنين الذين يسعون إلى فهم الوضع المالي للمدين.
وتناولت التعديلات المادة 234 (الفقرتان الأولى والثانية) فيما يتعلق بإجراءات الإبلاغ عن الأصول المحجوزة، خاصة عندما يكون الطرف المحجوز لديه جهة حكومية أو بنكًا. ويوفر ذلك إرشادات أكثر وضوحًا لخطوة حاسمة في عملية التنفيذ، مما قد يقلل من الغموض والتأخيرات، حيث أن تحديد عملية الإبلاغ عن الأصول المحجوزة، وخاصة بالنسبة للمؤسسات الحكومية والمصرفية، يضمن اتباع نهج موحد وشفاف، مما يسهل عملية التنفيذ بسلاسة أكبر للدائنين.
وشملت التعديلات تغييرات جوهرية في المادة 293 المتعلقة بشروط وإجراءات حبس المدين. ويعد إعادة العمل بنظام حبس المدين، بضوابط محددة، إجراءً رئيسيًا للضغط على المدينين المقتدرين لسداد ديونهم، مما يعالج بشكل مباشر مخاوف الدائنين. وتشير عودة حبس المدين إلى موقف أكثر صرامة بشأن إنفاذ الالتزامات المالية، مما يوفر للدائنين أداة قوية لإجبار المدينين القادرين على الدفع ولكنهم يرفضون القيام بذلك.
وتضمنت التعديلات إضافة المادة 204 مكرر التي تمنح إدارة التنفيذ سلطة طلب معلومات عن أموال المدين لدى الجهات الحكومية والبنوك، وفرض منع سفر عليه. ويعزز ذلك بشكل كبير قدرة إدارة التنفيذ على تحديد أماكن أصول المدين والسيطرة عليها، مما يساعد الدائنين في استرداد مستحقاتهم، حيث أن تمكين إدارة التنفيذ من الوصول المباشر إلى معلومات المدين وفرض حظر السفر يسمح بتتبع الأصول بشكل أكثر فعالية ويمنع المدينين من التهرب من التزاماتهم.
كما جرى شرح الآثار المترتبة على إضافة المادة 204 مكرر (أ) التي تسمح بوقف التعامل على أموال المدين إذا تم التصرف فيها للإضرار بالدائن. ويهدف هذا النص إلى منع المدينين من نقل الأصول احتياليًا لتجنب سداد الديون، وبالتالي حماية الدائنين من مثل هذه الإجراءات، حيث أن السماح بوقف عمليات نقل الأصول المشبوهة يحمي الدائنين من قيام المدينين بتقليل قدرتهم المالية عمدًا للتهرب من الدفع.
وتم تفصيل المادة 292 المضافة حديثًا بشأن إصدار أوامر الضبط والإحضار والحبس لمدة تصل إلى ستة أشهر للمدينين الذين يرفضون تنفيذ الأحكام النهائية رغم قدرتهم على الوفاء. ويعزز ذلك إعادة العمل بنظام حبس المدين كأداة ضد المدينين القادرين ماليًا ولكنهم غير ملتزمين، حيث توفر هذه المادة آلية قانونية لمحاسبة المدينين المقتدرين الذين يرفضون الامتثال لأوامر المحكمة النهائية، مما يزيد من تعزيز حقوق الدائنين.
وناقشت التعديلات المادة 293 مكرر المضافة حديثًا، والتي تنص على أن يتم تنفيذ الحبس بمعزل عن المسجونين في القضايا الجزائية، مع التأكيد على قدرة المدين على تسوية ديونه أثناء الحبس. ويهدف ذلك إلى معاملة حبس المدين كوسيلة لتشجيع التسوية وليس كعقوبة بحتة، مع ضمان المعاملة الإنسانية، حيث أن فصل المدينين عن السجناء الجنائيين وتسهيل تسوية الديون أثناء الحبس يعكس نهجًا متوازنًا لاسترداد الديون مع الحفاظ على المعايير الأخلاقية.
وجرى توضيح المادة 294 المضافة حديثًا، والتي تقدم قائمة شاملة بالحالات التي يُمنع فيها إصدار أمر بحبس المدين. وتظهر هذه الإعفاءات مراعاة للأفراد الضعفاء وتهدف إلى منع إساءة استخدام حبس المدين، حيث تضمن الإعفاءات المفصلة عدم تطبيق حبس المدين بشكل عشوائي وحماية الأفراد بناءً على العمر والوضع العائلي والصحة والاعتبارات الإنسانية الأخرى.
كما تم شرح المادة 295 المضافة حديثًا، والتي تحدد أنه في حالة كون المدين شخصًا اعتباريًا خاصًا، فإن أمر الحبس سيصدر بحق الشخص المسؤول عن الامتناع عن التنفيذ. ويوضح ذلك المساءلة عن عدم الامتثال في بيئات الشركات، حيث تضمن هذه المادة محاسبة الأفراد المسؤولين داخل الكيان القانوني عن عدم الامتثال لأوامر التنفيذ.
وناقشت التعديلات المادة 296 المضافة حديثًا، والتي تسرد الشروط التي يسقط بموجبها أمر الحبس الصادر بحق المدين. وتوفر هذه الشروط وضوحًا بشأن متى يمكن إطلاق سراح المدين من الحبس، مما يضمن عملية عادلة، حيث أن هذه الشروط الواضحة لسقوط أمر الحبس توفر إطارًا شفافًا لكل من المدينين والدائنين.
إعادة العمل بنظام حبس المدين بموجب قانون الإفلاس المعدل: موازنة الحقوق
صدر المرسوم بقانون رقم 58 لسنة 2025 بتعديل نص المادة الخامسة من قانون الإفلاس (القانون رقم 71 لسنة 2020). ويوضح التعديل إلغاء شطب العديد من المواد (292، 293، 294، 295، و296) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، مما يعيد العمل بنظام أوامر الضبط والإحضار وحبس المدين في سياق إجراءات الإفلاس. ويشير ذلك إلى تحول في السياسة نحو استخدام الحبس كأداة لإجبار المدين على الدفع حتى في حالات الإفلاس، خاصة بالنسبة للمدينين غير المتعاونين، حيث أن الإزالة المحددة لإلغاء المواد من قانون الإفلاس تعيد بشكل مباشر العمل بأحكام حبس المدين التي تم تعليقها سابقًا بموجب القانون نفسه. ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الضغط على المدينين المقتدرين لسداد ديونهم وإزالة العقبات أمام تسوية الديون.
وينصب التركيز على المدينين الذين لديهم القدرة المالية على الدفع ولكنهم يتهربون من التزاماتهم، حيث أن الهدف المعلن من التعديل هو استهداف أولئك الذين يتجنبون عمدًا سداد الديون، وتمييزهم عن الأفراد المعسرين حقًا. وتجدر الإشارة إلى أن ضوابط حبس المدين سيتم دمجها في قانون المرافعات المدنية والتجارية المعدل. ويشير ذلك إلى وجود إطار موحد لحبس المدين عبر كل من حالات إنفاذ الديون العامة وحالات الإفلاس، حيث أن دمج القواعد والشروط المحددة لحبس المدين في قانون المرافعات المدنية والتجارية يضمن اتساق ووضوح تطبيقه في النظام القانوني. كما يجب توضيح الفرق بين المدين المفلس والمدين المقتدر في تطبيق هذه الأحكام.
ومن المرجح أن القانون يهدف إلى استهداف المدينين المقتدرين الذين يسيئون استخدام عملية الإفلاس لتجنب الدفع، بدلاً من أولئك الذين لا يملكون الوسائل حقًا، حيث أن التركيز على “المدينين المقتدرين” في سياق إعادة حبس المدين يشير إلى أن القانون يهدف إلى منع إساءة استخدام الإفلاس كدرع ضد التزامات الديون المشروعة.
الأثر على البيئة الاقتصادية والاستثمارية في الكويت: تحول لصالح الدائنين؟
تهدف هذه التعديلات إلى الحد من الديون المعدومة وتعزيز مناخ الاستثمار في الكويت. ومن خلال صعوبة تهرب المدينين المقتدرين من الدفع، يمكن أن تؤدي التعديلات إلى انخفاض في القروض المتعثرة، مما يحسن صحة النظام المالي، حيث أن آليات الإنفاذ الأقوى والتهديد بالحبس لعدم السداد المتعمد يمكن أن يحفزا المدينين على الوفاء بالتزاماتهم، وبالتالي تقليل تراكم الديون المعدومة.
كما يمكن أن يشجع تعزيز حقوق الدائنين على الإقراض والاستثمار في الكويت. ومن شأن زيادة الثقة في قدرة النظام القانوني على حماية الدائنين أن تجذب المزيد من رؤوس الأموال وتعزز النمو الاقتصادي، حيث أن شعور الدائنين بمزيد من الأمان بشأن حماية حقوقهم وإمكانية استرداد الديون يزيد من احتمالية تقديمهم للائتمان والاستثمار في الاقتصاد. وينبغي النظر في الأثر المحتمل على تصنيف الكويت كمركز مالي وتجاري.
ويعد وجود إطار قانوني قوي يحمي الدائنين أمرًا ضروريًا لبناء الثقة وجذب الشركات والمستثمرين الدوليين، بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035، حيث أن وجود نظام قانوني قوي وموثوق به لاسترداد الديون وتسوية حالات الإعسار يعد عاملاً رئيسيًا لدولة تطمح إلى أن تكون مركزًا ماليًا وتجاريًا رائدًا. ومع ذلك، ينبغي أيضًا معالجة أي مخاوف بشأن التوازن بين حماية الدائنين وضمان المعاملة العادلة للمدينين، وخاصة المعسرين منهم. وتشير الإعفاءات من حبس المدين في قانون المرافعات المدنية والتجارية المعدل إلى محاولة لتحقيق توازن من خلال حماية المدينين الضعفاء، حيث أنه في حين تعزيز حقوق الدائنين، يحتاج النظام القانوني أيضًا إلى ضمان معاملة الأفراد الذين يواجهون صعوبات مالية حقيقية بشكل عادل وعدم إخضاعهم لإجراءات عقابية لا مبرر لها.11
الخلاصة: استشراف الإطار القانوني الجديد في الكويت
تلخص التعديلات الرئيسية على قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإفلاس تعزيزًا لحقوق الدائنين وتحديثًا للإطار القانوني الكويتي بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية. ومن شأن هذه التغييرات أن تؤثر إيجابًا على مناخ الاستثمار وتعزز الثقة في النظام القانوني الكويتي. ومن الأهمية بمكان أن يفهم الدائنون والمستثمرون هذه التعديلات لتقييم المخاطر والفرص في السوق الكويتي. وفي الختام، تمثل هذه التعديلات خطوة مهمة نحو تطوير النظام القانوني والاقتصادي في الكويت، وتعكس التزام الدولة بتحقيق رؤيتها الطموحة لعام 2035.