قانون الإجراءات الجنائية 2025

قانون الإجراءات الجنائية 2025


الإجراءات الجنائية 2025: دليل شامل

يعد قانون الإجراءات الجنائية في دولة الكويت ركيزة أساسية لضمان العدالة وحماية حقوق الأفراد في المجتمع. إنه الإطار الذي يحدد كيفية التعامل مع الجرائم، بدءاً من لحظة وقوعها، مروراً بالتحقيق والمحاكمة، وصولاً إلى تنفيذ الأحكام. وفي ظل التطورات المستمرة التي يشهدها العالم، كان لزاماً على المشرع الكويتي أن يواكب هذه التغيرات، ليقدم لنا قانون الإجراءات الجنائية 2025، بنسخته المحدثة التي تُعزز من مبادئ العدالة والشفافية.

إن فهم هذا القانون ليس حكراً على القانونيين فحسب، بل هو ضرورة لكل مواطن ومقيم في الكويت، فمعرفة الحقوق والواجبات تُشكل درعاً واقياً في مواجهة أي موقف قانوني محتمل. ولهذا، تقدم المحامية خيرية الرشيدي ومجموعة المشرع القانونية هذا الدليل الشامل، ليكون مرجعًا مبسطاً وموثوقاً يُسلط الضوء على أبرز ملامح هذا القانون وتعديلاته الجديدة التي تدخل حيز التنفيذ في عام 2025.

جوهر قانون الإجراءات الجنائية الكويتي: المبادئ الأساسية

يستند قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي، الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1960 وتعديلاته، إلى مبدأ أساسي مفاده “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني”. هذا المبدأ يُرسخ فكرة أن لا يُعاقب أي شخص إلا بعد محاكمة تُجرى وفقًا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون. تتولى المحاكم الجزائية محاكمة المتهمين في الجنايات والجنح، وتُحدد المخالفات بقانون خاص يُنظم المحاكم المختصة بها.  

تضطلع النيابة العامة بسلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات، بينما يتولى المحققون المعينون في دائرة الشرطة والأمن العام هذه السلطات في الجنح. هذا التمييز في الاختصاص يضمن سير العدالة بكفاءة وفعالية. من الجدير بالذكر أن القانون يُحظر تمامًا استخدام التعذيب أو الإكراه للحصول على أقوال من المتهم أو الشاهد أثناء أي مرحلة من مراحل المحاكمة أو التحقيق أو التحري، ويُعاقب مرتكب هذا الفعل وفقًا لقانون الجزاء.  

حقوق المتهم في القانون الكويتي: صمام الأمان للعدالة

يُولي قانون الإجراءات الجنائية اهتمامًا بالغًا لحقوق المتهم، مُدركًا أن حماية هذه الحقوق هي أساس المحاكمة العادلة. فمن اللحظة الأولى للاتهام، يتمتع المتهم بحزمة من الضمانات التي تُكفل له محاكمة منصفة.

عند القبض، يُمكن لرجال الشرطة القبض على المتهمين في حالات محددة، مثل وجود أمر كتابي أو شفوي بالقبض من جهة مخولة قانونًا. كما يُمكنهم القبض بدون أمر في الجنايات التي تُقام عليها أدلة قوية، أو في جنح معينة مثل السرقة أو النصب أو مقاومة الموظفين. هذه الصلاحيات تُوازن بين ضرورة حفظ الأمن وحماية حرية الأفراد.  

أثناء التحقيق، يُشدد القانون على ضرورة تمكين المتهم من إبداء أقواله بحرية تامة، دون أي تأثير أو إكراه. يُشير القانون بوضوح إلى أن المحقق، قبل البدء في إجراءات التحقيق، يجب أن يُمكن المتهم من الدفاع عن نفسه. هذا المبدأ يُعد حجر الزاوية في ضمان عدم انتزاع الاعترافات تحت أي ضغط.  

وفيما يتعلق بإجراءات التفتيش، فإن القانون يُحدد شروطًا صارمة لضمان حماية حرمة المساكن وكرامة الأشخاص. يجب أن يصدر إذن التفتيش من محقق، وأن يكون مسببًا، وأن يتم بحضور صاحب الشأن أو ممثله، أو شاهدين في حال تعذر ذلك. يجب أن يتم التفتيش في وضح النهار، إلا في حالات الضرورة القصوى التي تُقدرها النيابة العامة، ويجب أن يتم بما يحفظ حرمة المسكن. هذه الضوابط تُعزز من الثقة في الإجراءات القضائية وتُجنب أي تجاوزات.  

تعديلات قانون الإجراءات الجنائية 2025: مواكبة العصر

شهد قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي تعديلات جوهرية في عامي 2024 و2025، تعكس حرص المشرع على تحديث المنظومة القانونية لمواكبة التطورات القضائية والتكنولوجية. هذه التعديلات تهدف إلى تحقيق التوازن بين سرعة الفصل في الدعاوى وضمان حقوق الخصوم.

من أبرز هذه التعديلات، المرسوم بقانون رقم 104 لسنة 2024، الذي عدّل المادة (201) من القانون الأصلي. أصبح ميعاد الاستئناف ثلاثين يومًا بدلاً من عشرين يومًا، سواء كان الحكم حضوريًا أو صادرًا في المعارضة، أو من تاريخ صيرورته غير قابل للمعارضة إذا كان غيابيًا. هذا التعديل جاء لمعالجة المشكلات التي يواجهها الخصوم في الحصول على صورة من الحكم ودراسته واتخاذ إجراءات الطعن خلال المدة القصيرة السابقة. كما أنه يُوحد مدة الاستئناف مع الأحكام المدنية والتجارية، مما يُخفف العبء عن المتقاضين ويُعزز من جودة الطعون المقدمة.  

كما أضاف المرسوم بقانون رقم 104 لسنة 2024 مادة جديدة برقم (22) مكرر)، تُجيز للمحكمة أو المحقق إعلان الأمر بالحضور بالبريد الإلكتروني أو بأي وسيلة اتصال حديثة قابلة للحفظ والاستخراج. هذا التحديث يُشكل نقلة نوعية في سرعة الإجراءات القضائية، ويُساهم في تحقيق حسن سير العدالة والمساواة بين الخصوم، خاصة مع تفعيل وزارة العدل الكويتية للإعلان الإلكتروني عبر تطبيق “سهل” اعتبارًا من أبريل 2025.  

إضافة إلى ذلك، جاء المرسوم بقانون رقم 62 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 17 لسنة 1960. تضمن هذا المرسوم تعديلات على المادتين (188) و (230). المادة (188) بعد التعديل تعنى بإجراءات المعارضة في الأحكام الغيابية، حيث أصبح ميعاد المعارضة أسبوعاً واحداً، مع إجازة إعلان الحكم الغيابي لشخص المحكوم عليه، أو بواسطة البريد الإلكتروني، أو أي وسيلة اتصال حديثة قابلة للحفظ والاستخراج.

وفي حال تعذر الإعلان، ينشر في الجريدة الرسمية ويُلصق في أماكن بارزة. أما المادة (230) المعدلة، فتُعالج تحصيل الغرامات المحكوم بها، حيث تُحصّل بطريق التنفيذ الجبري على أموال المحكوم عليه، ويجوز للنيابة العامة تحصيلها عبر استقطاعات شهرية لا تتجاوز ربع الراتب أو الأجر أو المعاش التقاعدي، مع إمكانية تقسيط مبلغ الغرامة أو تأجيله لأجل معقول بحد أقصى خمس سنوات. هذه التعديلات تُراعي البعد الإنساني والواقعي للمحكوم عليهم، وتحقق توازنًا بين العدالة وحقوق الأفراد والمجتمع.  

تعزز هذه التعديلات من كفاءة النظام القضائي، وتقلل من الإجراءات الورقية، وتسرع من وتيرة التقاضي، مما يساهم في تحقيق عدالة ناجزة تلبي تطلعات المجتمع الكويتي.

الإجراءات القضائية والطعن في الأحكام الجزائية

يمكن للمحكوم عليهم الطعن في الأحكام الجزائية الصادرة ضدهم وفقا لإجراءات محددة. يُعد الاستئناف أحد أهم طرق الطعن، وقد شهد تعديلاً في مدته ليصبح ثلاثين يوماً. هذا التعديل يُمنح الخصوم فرصة أكبر لدراسة الأحكام بعناية وصياغة أسباب الطعن المناسبة، مما يُقلل من الطعون غير المجدية ويزيد من جودة الطعون المقدمة.  

كما يمكن الطعن بالتمييز في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في حالات محددة، مثل مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو وقوع بطلان في الحكم أو الإجراءات. ميعاد الطعن بالتمييز هو ستون يوماً، ويرفع بصحيفة تودع إدارة كتاب محكمة التمييز.  

تسقط الدعوى الجنائية في الجنايات بعد عشر سنوات من يوم ارتكاب الجناية، وتسقط العقوبة في الجنايات بعد عشرين سنة من تاريخ الحكم النهائي، باستثناء عقوبة الإعدام التي تنقضي بعد ثلاثين سنة. أما الجنح فتسقط الدعوى الجنائية فيها بمرور خمس سنوات. هذه الآجال تُحدد الفترة الزمنية التي يُمكن خلالها ملاحقة الجرائم أو تنفيذ العقوبات.  

العقوبات التبعية والتكميلية في القانون الجنائي الكويتي

إلى جانب العقوبات الأصلية كالحبس والغرامة، ينص قانون الإجراءات الجنائية على عقوبات تبعية وتكميلية تفرض بناءً على طبيعة الجريمة. تشمل هذه العقوبات الحرمان من بعض الحقوق والمزايا، والعزل من الوظيفة العامة، والحرمان من ممارسة مهنة معينة، وإغلاق المحال العامة، ومراقبة الشرطة، والمصادرة، وإبعاد الأجنبي عن البلاد. كما يمكن إلزام المتهم بتوقيع تعهد بالمحافظة على الأمن وحسن السير والسلوك، مصحوباً بكفالة مالية.  

هذه العقوبات تعزز من الردع العام والخاص، وjساهم في إعادة تأهيل المحكوم عليهم أو حماية المجتمع من تكرار الجرائم. إن فهم هذه الجوانب من القانون يقدم صورة متكاملة عن النظام الجنائي الكويتي، ويبرز التزامه بتحقيق العدالة بمختلف أبعادها.

الأسئلة الشائعة حول قانون الإجراءات الجنائية 2025

يجيب هذا القسم على بعض الاستفسارات الشائعة المتعلقة بقانون الإجراءات الجنائية في الكويت، مع التركيز على التعديلات الأخيرة لعام 2025.

ما هي أبرز التعديلات التي طرأت على قانون الإجراءات الجنائية الكويتي في عام 2025؟

من أبرز التعديلات في عام 2025 هي تلك التي جاء بها المرسوم بقانون رقم 104 لسنة 2024 والمرسوم بقانون رقم 62 لسنة 2025. الأول عدّل ميعاد الاستئناف ليصبح 30 يومًا بدلاً من 20 يومًا، وأجاز الإعلان الإلكتروني للأوامر بالحضور. والثاني عدّل إجراءات المعارضة في الأحكام الغيابية، وأجاز الإعلان الإلكتروني للأحكام الغيابية، بالإضافة إلى تنظيم تحصيل الغرامات المحكوم بها وإمكانية تقسيطها.

كيف يؤثر تفعيل الإعلان الإلكتروني على المتقاضين في القضايا الجنائية؟

يؤثر تفعيل الإعلان الإلكتروني، خاصة عبر تطبيق “سهل” اعتبارًا من أبريل 2025، بشكل كبير على سرعة الإجراءات القضائية. فبدلاً من الإعلانات الورقية التقليدية التي قد تستغرق وقتًا طويلاً، يُمكن الآن إرسال الأوامر بالحضور والأحكام الغيابية عبر البريد الإلكتروني أو وسائل الاتصال الحديثة، مما يُسرع من عملية التقاضي ويُقلل من التأخيرات.

ما هي حقوق المتهم الأساسية التي يضمنها قانون الإجراءات الجنائية الكويتي؟

يضمن القانون للمتهم عدة حقوق أساسية، منها عدم توقيع عقوبة جزائية إلا بعد محاكمة عادلة، وحظر التعذيب أو الإكراه للحصول على الأقوال، وحق إبداء الأقوال بحرية تامة أثناء التحقيق. كما يُحدد القانون ضوابط صارمة للقبض والتفتيش لضمان حماية حرمة المساكن وكرامة الأفراد.

ما هي المدة الزمنية لسقوط الدعوى الجنائية في الكويت؟

تسقط الدعوى الجنائية في الجنايات بعد عشر سنوات من يوم ارتكاب الجريمة. أما في الجنح، فتسقط الدعوى الجنائية بمرور خمس سنوات. وتختلف مدة سقوط العقوبة بعد الحكم النهائي، حيث تسقط في الجنايات بعد عشرين سنة، وفي عقوبة الإعدام بعد ثلاثين سنة.

هل يمكن تقسيط الغرامات المحكوم بها في القضايا الجنائية؟

نعم، وفقًا للتعديلات الأخيرة في قانون الإجراءات الجنائية لعام 2025، أصبح يحق لرئيس المحكمة التي أصدرت الحكم أو للنائب العام، وبناءً على طلب المحكوم عليه، إصدار أمر بتقسيط مبلغ الغرامة أو تأجيله لأجل معقول، بشرط ألا يتأخر دفع كامل المبلغ عن مدة أقصاها خمس سنوات. كما يجوز للنيابة العامة تحصيلها عبر استقطاعات شهرية لا تتجاوز ربع ما يتقاضاه المحكوم عليه من راتب أو أجر أو دعم عمالة أو معاش تقاعدي.

خاتمة: نحو عدالة متجددة ومجتمع آمن

في الختام، يُشكل قانون الإجراءات الجنائية 2025 في الكويت، بتعديلاته الأخيرة، خطوة مهمة نحو تعزيز منظومة العدالة الجنائية في البلاد. لقد حرص المشرع الكويتي على مواكبة التطورات، ليس فقط لضمان سرعة الفصل في الدعاوى، بل الأهم من ذلك، لترسيخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الأفراد. إن هذه التعديلات، التي شملت تمديد آجال الاستئناف وإدخال الإعلان الإلكتروني وتنظيم تحصيل الغرامات، تعكس رؤية شاملة توازن بين متطلبات الأمن العام والبعد الإنساني للمتقاضين.

إن فهم هذا القانون وتطبيقاته الحديثة يعد ضرورة قصوى لكل فرد في المجتمع الكويتي، فهو صمام الأمان الذي يحمي الحقوق ويرسخ سيادة القانون. وتُؤكد المحامية خيرية الرشيدي ومجموعة المشرع القانونية التزامهما بتقديم الدعم القانوني اللازم، وتوفير المعلومات الدقيقة والموثوقة، لتمكين الأفراد والمؤسسات من التعامل بوعي وثقة مع مستجدات المشهد القانوني في الكويت. فبمعرفة القانون، نسهم جميعاً في بناء مجتمع أكثر عدلاً وأماناً

افضل محامية كويتية 2025 : مجموعة المشرع القانونية