
حقوق ذوي الإعاقة في الكويت 2025: دليل شامل للمزايا والتعديلات القانونية
I. مقدمة: التزام الكويت الراسخ بحقوق ذوي الإعاقة
تُعد دولة الكويت من الدول الرائدة في المنطقة التي تولي اهتماماً بالغاً بفئة الأشخاص ذوي الإعاقة، إيماناً منها بحقهم في العيش الكريم والاندماج الكامل في المجتمع. يتجسد هذا الالتزام في منظومة تشريعية متكاملة تهدف إلى ضمان كافة حقوقهم ومزاياهم، وتوفير بيئة داعمة وشاملة. إن العناية بهذه الفئة ليست مجرد التزام إنساني، بل هي ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وبناء مجتمع عادل ومنصف.
شهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في الإطار القانوني الكويتي الخاص بذوي الإعاقة. بدأ هذا التطور بالقانون الأساسي، ثم توالت التعديلات الحديثة واللوائح التنفيذية، والتي توجت مؤخراً بإطلاق “دليل الكويت للإعاقة 2025”. هذا التطور المستمر يعكس التزام الدولة بتحديث آلياتها القانونية لتلبية الاحتياجات المتغيرة لهذه الفئة، ومواكبة أفضل الممارسات الدولية. إن هذا التسلسل التشريعي، الذي يمتد من القانون الأصلي إلى التعديلات ثم اللوائح التنفيذية وصولاً إلى الدليل التفسيري، يدل على أن الدولة لا تكتفي بسن القوانين، بل تعمل بجدية على تفعيلها وتوضيحها وتكييفها مع الواقع المتغير، مما يعكس التزاماً مستداماً ومتكيفاً بحقوق هذه الفئة.
في هذا السياق، تبرز أهمية الاستعانة بالخبرات القانونية المتخصصة لضمان فهم وتطبيق هذه التشريعات المعقدة. تُعد مجموعة المشرع القانونية، برئاسة المحامية الأستاذة خيرية الرشيدي، مرجعاً موثوقاً في تقديم الاستشارات القانونية والدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة في الكويت. الأستاذة خيرية الرشيدي، الحاصلة على ماجستير العلوم الجنائية من جامعة الإسكندرية، ليست فقط رئيسة مجلس إدارة المجموعة، بل هي أيضاً عضو فاعل في العديد من الحملات والجمعيات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، مثل الحملة الوطنية للوقاية من المخدرات، والحملة الوطنية للحد من الجريمة، والجمعية الكويتية للمرأة والطفل، وجمعية المحامين الكويتية، والجمعية الكويتية للشفافية. هذا الدور المتعدد الأوجه يؤكد عمق التزامها المجتمعي وخبرتها الواسعة في هذا المجال، مما يجعلها ومجموعتها مصدراً قيماً للمعلومات والدعم القانوني.
II. الإطار التشريعي لحقوق ذوي الإعاقة في الكويت
يشكل الإطار القانوني الكويتي لحقوق ذوي الإعاقة منظومة متكاملة ومتطورة، تهدف إلى توفير الحماية والدعم اللازم لهذه الفئة. يتكون هذا الإطار من عدة طبقات تشريعية، بدءاً من القانون الأساسي وصولاً إلى اللوائح التنفيذية والأدلة الإرشادية.
القانون رقم 8 لسنة 2010: حجر الزاوية
يُعتبر القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هو الأساس التشريعي الذي بنيت عليه كافة الحقوق والمزايا لهذه الفئة في الكويت. صدر هذا القانون في 28 فبراير 2010، ليضع إطاراً شاملاً للرعاية والدمج. لقد جاء هذا القانون ليعكس التزام الدولة بضمان حقوق الأفراد ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين، ويُعد نقطة تحول في التعامل مع قضايا الإعاقة في الكويت.
لقد تضمن القانون تعريفات أساسية ومفاهيم محورية لضمان وضوح التطبيق وتوحيد الفهم. فقد عرف “الشخص ذو الإعاقة” بأنه “كل من يعاني اعتلالات دائمة كلية أو جزئية تؤدي إلى قصور في قدراته البدنية أو العقلية أو الحسية قد تمنعه من تأمين مستلزمات حياته أو المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين”. كما حدد مفاهيم أساسية أخرى مثل “اللجنة الفنية المختصة” وهي الجهة المسؤولة عن تقييم حالات الإعاقة، و”الاتصال” الذي يشمل كافة وسائل التواصل الميسرة، و”اللغة” التي تشمل لغة الإشارة، و”الترتيبات التيسيرية اللازمة” لضمان المساواة، و”التصميم العام” للمباني والمرافق، و”التأهيل” بمختلف أنواعه، و”بطاقة الإعاقة” كوثيقة رسمية تثبت الإعاقة. توفر هذه التعريفات أساساً واضحاً وموحداً لتطبيق القانون وتحديد المستفيدين، مما يقلل من الالتباس ويسهل الإجراءات.
فيما يتعلق بنطاق تطبيق القانون، تسري أحكامه على الكويتيين، كما تسري على أبناء الكويتية من غير الكويتيين في حدود الرعاية الصحية والتعليمية والوظيفية. ويجوز للهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة أن تقرر سريان بعض أحكامه على غير الكويتيين وفق شروط وضوابط تراها مناسبة بعد موافقة المجلس الأعلى. هذا التوسع في نطاق التطبيق يعكس توجهاً نحو الشمولية، مع إعطاء الأولوية للمواطنين والمقيمين ذوي الصلة المباشرة بالمجتمع الكويتي.
التعديلات المحورية: القانون رقم 73 لسنة 2020
جاء القانون رقم 73 لسنة 2020 ليُعدل بعض أحكام القانون رقم 8 لسنة 2010، بهدف تعزيز المزايا وتوسيع نطاق الحماية والدمج لهذه الفئة. هذه التعديلات عكست التزام الدولة المستمر بتحسين جودة حياة ذوي الإعاقة وتكييف التشريعات مع التطورات المجتمعية والاحتياجات المستجدة.
شملت التعديلات مواد رئيسية كان لها تأثير مباشر على الحقوق والمزايا. فالمادة 7 المعدلة تؤكد التزام الحكومة بتوفير الخدمات الوقائية والعلاجية والتأهيلية الشاملة في كافة المراكز الصحية، والحد من أسباب الإعاقة قبل وأثناء الحمل وبعد الولادة، وتأمين العلاج بالخارج عند الضرورة. كما تم تعديل المادة 9 (فقرة ثالثة) لتلزم الجهات الحكومية بتوفير مختصين ودورات تدريبية للمعلمين لاكتشاف حالات صعوبات وبطيئي التعلم، وتكفل الهيئة تكاليف الاختبارات الخاصة بتقييمهم. المادة 10 المعدلة تؤكد على اتخاذ الترتيبات الإدارية والتنظيمية لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم فئتا بطيئي التعلم وصعوبات التعلم، في مراحل التعليم المختلفة ضمن مناهج تعليمية وتأهيلية تتناسب مع قدراتهم.
من أبرز التعديلات أيضاً ما جاء في المادة 18 التي نصت على التزام الهيئة العامة للشباب والرياضة بإنشاء نوادٍ ومراكز رياضية وثقافية وترفيهية متخصصة لذوي الإعاقة لدمجهم في المجتمع. كما عدلت المادة 25 لتحدد أولويات الرعاية داخل الأسرة (الأم ثم الأب ثم الزوج/الزوجة ثم الأقارب)، مما ينظم مسؤولية الرعاية ويضمن استمراريتها. المادة 40 تم تعديلها لتوضح حق الموظف والموظفة من ذوي الإعاقة (بسيطة أو متوسطة أو شديدة)، أو المكلف برعاية شخص ذي إعاقة (متوسطة أو شديدة)، في تخفيض ساعات العمل بواقع ساعتين يومياً مدفوعة الأجر.
وأُضيفت المادة 42 مكرراً التي تمنح للموظف أو الموظفة من ذوي الإعاقة المتوسطة أو الشديدة أو المكلف برعاية شخص من ذوي الإعاقة المتوسطة أو الشديدة الحق في مكافأة نهاية الخدمة التي تمنحها الجهات الحكومية. كما شملت التعديلات دمج فئات مهمة مثل طيف التوحد في الحقوق التعليمية، مما يوسع نطاق المستفيدين من هذه الحقوق.
اللائحة التنفيذية: قرار رقم 340 لسنة 2022
يُعد قرار الهيئة العامة لشئون ذوي الإعاقة رقم (340) لسنة 2022 بإصدار اللائحة التنظيمية للقانون رقم 8 لسنة 2010 وتعديلاته، بمثابة الإطار التفصيلي لتطبيق القانون. هذه اللائحة ألغت القرار السابق رقم 210 لسنة 2017، مما يؤكد على التحديث المستمر للآليات التنفيذية لضمان الفاعلية والتكيف مع التغيرات التشريعية.
تكمن أهمية اللائحة في تفعيل وتوضيح أحكام القانون بشكل عملي. تهدف إلى وضع القواعد والإجراءات الدقيقة التي تنظم صرف الدعم والمزايا لذوي الإعاقة، وتحديد الضوابط والشروط اللازمة للاستفادة من الحقوق المنصوص عليها في القانون. هي بمثابة الدليل العملي لتطبيق مواد القانون على أرض الواقع، حيث تحول النصوص القانونية العامة إلى خطوات وإجراءات محددة يمكن للمستفيدين والجهات المعنية اتباعها.
تشمل اللائحة تفاصيل دقيقة حول الإجراءات والضوابط المنظمة للدعم، مثل المخصصات الشهرية المستحقة (التي ذكرت سابقاً) ، وشروط استحقاق معاش الإعاقة ، وضوابط الرعاية السكنية ، وغيرها من الجوانب التنفيذية التي تضمن وصول الدعم لمستحقيه بسلاسة وشفافية. هذا التكامل التشريعي، الذي يربط بين القانون الأساسي، والتعديلات، واللائحة التنفيذية، يخلق نظاماً قانونياً قوياً ومتماسكاً. هذا البناء المتدرج للقوانين واللوائح يضمن أن الحقوق ليست مجرد مبادئ نظرية، بل هي قابلة للتطبيق العملي والتحقق منها، مما يوفر أساساً متيناً لضمان حقوق ذوي الإعاقة في الكويت.
ومع ذلك، فإن هذا التعقيد المتأصل في المنظومة القانونية المتعددة الطبقات يؤكد على الحاجة الماسة للاستشارة القانونية المتخصصة. قد يجد الأفراد صعوبة في فهم الفروق الدقيقة بين كل وثيقة قانونية وعلاقاتها المتبادلة، مما يجعل الحصول على استشارة قانونية أمراً ضرورياً لفهم حقوقهم بالكامل والمطالبة بها بفعالية.
III. دليل الكويت للإعاقة 2025: خارطة طريق للمستقبل
في خطوة وطنية مهمة، أطلقت الكويت “دليل الكويت للإعاقة 2025” في مايو 2025. يمثل هذا الدليل تتويجاً لجهود الدولة في مجال حقوق ذوي الإعاقة، ويهدف إلى ضمان العدالة وتعزيز حقوقهم، ويُعد خطوة فاعلة نحو الشفافية ونشر الوعي المجتمعي. كما يسعى إلى توحيد المعايير في تقييم وتشخيص الإعاقات وفقاً للمعايير العالمية، مما يضمن تقديم الدعم المناسب لكل شخص حسب احتياجاته الفعلية. هذا التوحيد في المعايير يقلل من التباين في التشخيص ويضمن معاملة عادلة ومتسقة لجميع المستفيدين.
لم يكن هذا الدليل وليد الصدفة، بل هو ثمرة جهود امتدت لعشر سنوات من العمل الدؤوب والتعاون المكثف. وقد تم إعداده بالتعاون مع خبراء من منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى الجهود المخلصة من اللجان الطبية والفنية في الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة. هذا التعاون الدولي يضمن أن الدليل يراعي أفضل الممارسات العالمية ويستند إلى أسس علمية رصينة، مما يعزز مصداقيته وفعاليته.
يمكن الوصول إلى الدليل بسهولة عبر الموقع الرسمي للهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة (www.pada.gov.kw) باتباع خطوات بسيطة: الدخول إلى الموقع، ثم النقر على خطوط القائمة أعلى الشاشة، ثم اختيار “الرئيسية”، وأخيراً تحديد “دليل الكويت للإعاقة”. يُعد هذا الدليل خارطة طريق واضحة المعالم للعاملين والمختصين في مجال الإعاقة، ومرجعاً شاملاً للمستفيدين لفهم حقوقهم وتسهيل خدمات التشخيص والتعليم والعمل والرعاية. كما أنه يلبي متطلبات القانون رقم 73 لسنة 2020، المادة 48، البند 17، التي تلزم بوضع معايير علمية واضحة لتشخيص الإعاقة ونشرها عبر الموقع الإلكتروني للهيئة.
إن إطلاق “دليل الكويت للإعاقة 2025” يمثل أكثر من مجرد وثيقة معلوماتية؛ إنه أداة استراتيجية للتمكين العملي والشفافية في تطبيق الحقوق. من خلال توحيد معايير التشخيص وتبسيط الوصول إلى الخدمات، يعزز الدليل بشكل مباشر قدرة الأفراد ذوي الإعاقة على المطالبة بحقوقهم، محولاً النوايا التشريعية إلى واقع ملموس. هذا التطور يعكس التزام الكويت بالتحول من مجرد سن القوانين إلى ضمان تطبيقها الفعال والعادل، مما يضعها في مصاف الدول الرائدة في مجال تنفيذ حقوق ذوي الإعاقة.
IV. المزايا والحقوق الشاملة لذوي الإعاقة في الكويت
تتعدد المزايا والحقوق التي يكفلها القانون الكويتي للأشخاص ذوي الإعاقة، لتشمل جوانب حياتية أساسية مثل الدعم المالي، فرص التوظيف، الرعاية الصحية، والتعليم، بهدف تحقيق دمجهم الكامل في المجتمع.
الحقوق المالية والدعم الاجتماعي
تولي دولة الكويت اهتماماً خاصاً بالدعم المالي والاجتماعي لذوي الإعاقة وأسرهم. يُصرف مخصص شهري للشخص ذي الإعاقة حتى سن 21 عاماً، وتتحدد قيمته بناءً على تقرير اللجنة الفنية المختصة ونوع ودرجة الإعاقة. تبلغ قيمة هذا المخصص 185 ديناراً كويتياً للإعاقة البسيطة، و225 ديناراً للإعاقة المتوسطة، و277 ديناراً للإعاقة الشديدة. يستمر صرف هذا المخصص إذا استمر الشخص في الدراسة الجامعية حتى سن السادسة والعشرين. كما تستحق المرأة التي ترعى شخصاً ذا إعاقة شديدة مخصصاً شهرياً إذا لم تكن موظفة، وفقاً للشروط والضوابط التي تحددها الهيئة.
تشمل المزايا المالية أيضاً منحة الزواج والقروض الإسكانية الميسرة. يستحق الكويتيون ذوو الإعاقة منحة زواج من بنك الائتمان الكويتي مساوية لما يحصل عليه أقرانهم غير المعاقين، حتى لو كانت الزوجة غير كويتية، شريطة وجود عقد زواج رسمي موثق في دولة الكويت. بالإضافة إلى ذلك، يحق لهم ولأسرهم منحة قدرها عشرة آلاف دينار كويتي إضافية على قيمة القرض الإسكاني المخصص لغير المعاقين، وذلك لبناء مسكن بمواصفات خاصة تتناسب مع احتياجاتهم. أما في حالات الإعاقة البسيطة، فتُمنح منحة إضافية قدرها خمسة آلاف دينار كويتي. ولتخفيف الأعباء المالية، لا يتجاوز خصم القسط الشهري لبنك الائتمان الكويتي على الشخص ذي الإعاقة 5% من راتبه الشهري، وبحد أقصى خمسين ديناراً كويتياً شهرياً.
تزداد العلاوة الاجتماعية المقررة للأبناء بنسبة 100% من قيمتها الأصلية لكل طفل ذي إعاقة، ويُستثنى الأطفال ذوو الإعاقة من العدد المحدد قانوناً لمنح هذه العلاوة. هذا يعني أن الأسر التي لديها أطفال من ذوي الإعاقة تحصل على دعم إضافي يعكس التكاليف المرتفعة لرعايتهم. كما يُمنح الشخص ذو الإعاقة الذي تُقرر اللجنة الفنية المختصة أن إعاقته توجب الاستعانة بسائق أو خادم مقابلاً مادياً تحدده الهيئة لا يقل عن 100 دينار كويتي.
أما فيما يخص التقاعد، فيستحق الشخص ذو الإعاقة العاجز عن العمل معاشاً تقاعدياً يعادل 100% من المرتب إذا بلغت مدة خدمته 15 سنة للذكور و10 سنوات للإناث، دون اشتراط سن محدد. ويستحق المكلف برعاية شخص ذي إعاقة (متوسطة أو شديدة) معاشاً تقاعدياً يعادل 100% من المرتب إذا بلغت مدة خدمته 20 سنة للذكور و15 سنة للإناث.
حقوق التوظيف والامتيازات الوظيفية
تلتزم الجهات الحكومية والخاصة والنفطية التي يعمل بها خمسون عاملاً كويتياً فأكثر بتوظيف نسبة لا تقل عن 4% من الكويتيين المؤهلين مهنياً من ذوي الإعاقة. هذا الالتزام يهدف إلى ضمان فرص عمل عادلة ومتساوية لهذه الفئة. ولا يجوز لأي من هذه الجهات رفض تعيين المرشحين من ذوي الإعاقة دون سبب مقبول غير الإعاقة نفسها، مما يحمي من التمييز في سوق العمل. كما تلتزم الجهات بتوفير بيئة عمل مؤهلة وترتيبات تيسيرية معقولة لتمكينهم من أداء مهامهم.
يستحق الموظف والموظفة من ذوي الإعاقة (بسيطة، متوسطة، شديدة)، وكذلك الموظف والموظفة المكلف برعاية شخص ذي إعاقة (متوسطة أو شديدة)، تخفيض ساعات العمل بواقع ساعتين يومياً مدفوعة الأجر. هذا التخفيض يساهم في دعمهم للتوفيق بين متطلبات العمل والرعاية الشخصية أو رعاية ذويهم. كما يحق للموظف أو الموظفة من ذوي الإعاقة المتوسطة أو الشديدة أو المكلف برعاية شخص من ذوي الإعاقة المتوسطة أو الشديدة الحق في مكافأة نهاية الخدمة التي تمنحها الجهات الحكومية، مما يوفر دعماً مالياً إضافياً عند انتهاء فترة خدمتهم. تضمن الدولة أيضاً حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التمتع بالترقيات والامتيازات الوظيفية والمكافآت في القطاعات الحكومية والأهلية والنفطية، ويكون للمتميزين منهم الأولوية في ذلك، مما يشجع على التميز ويضمن التطور المهني.
الرعاية الصحية والتأهيل الشامل
تلتزم الحكومة بتقديم الخدمات الوقائية والإرشادية والعلاجية والتأهيلية بكافة المراكز الصحية في البلاد، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة لذوي الإعاقة. كما تعمل على الحد من أسباب الإعاقة قبل وأثناء الحمل وبعد الولادة، وتؤمن لهم العلاج بالخارج عند الضرورة، مما يضمن رعاية صحية متكاملة ومستمرة.
تلتزم الحكومة بتوفير كوادر طبية وفنية مساعدة متخصصة ومدربة لتقديم الخدمات العلاجية في كافة المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية على قدم المساواة مع الآخرين. كما تلتزم بتوفير فرق متخصصة لتقديم الرعاية الصحية والعلاج الطبيعي لذوي الإعاقة في منازلهم للحالات التي تحددها اللجنة الفنية المختصة، مما يسهل الوصول إلى الخدمات لمن لا يستطيعون التنقل. تُعفى الأدوات والأجهزة التأهيلية والتعويضية ومركبات الأفراد المجهزة لاستخدام ذوي الإعاقة من كافة الرسوم والضرائب، وتعمل الحكومة على تزويدهم بها مجاناً وفق تقرير اللجنة الفنية المختصة، مما يقلل الأعباء المالية ويسهل حصولهم على الأدوات اللازمة لتحسين جودة حياتهم.
التعليم والدمج المجتمعي الفعال
تلتزم الحكومة بتوفير الخدمات التعليمية والأدوات التعليمية لذوي الإعاقة ومن لديهم صعوبات وبطء تعلم، على قدم المساواة مع الآخرين في فرص التعلم. يشمل ذلك مراعاة احتياجاتهم الخاصة في التواصل واللغة، وتوفير كوادر تعليمية ومهنية متخصصة مع تعزيز كفاءتهم ومنحهم حوافز مادية ومعنوية. كما تلتزم بتخصيص نسبة من البعثات والمنح الدراسية التي تقدمها في كافة الجهات الحكومية داخل وخارج الكويت لذوي الإعاقة، مما يفتح آفاقاً أوسع للتعليم العالي والتخصص.
تتخذ الحكومة كافة الترتيبات الإدارية والتنظيمية المطلوبة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم فئتا بطيئي التعلم وصعوبات التعلم، في مراحل التعليم المختلفة ضمن مناهج تعليمية وتأهيلية تتناسب مع قدراتهم الحسية والبدنية والعقلية، مما يؤهلهم للاندماج في المجتمع والعمل والإنتاج. هذا التوجه نحو الدمج الشامل يعزز من قدراتهم ويقلل من عزلتهم.
في إطار الدمج المجتمعي، تلتزم الهيئة العامة للشباب والرياضة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء نوادٍ ومراكز رياضية وثقافية وترفيهية متخصصة وفقاً للمواصفات الدولية لذوي الإعاقة في جميع المحافظات. هذا يهدف إلى توفير بيئة داعمة لتنمية مواهبهم واندماجهم الاجتماعي. كما تعمل الحكومة على تشجيع الرياضيين من ذوي الإعاقة ومساواتهم بغيرهم في المكافآت التشجيعية والتفرغ الرياضي وجميع الامتيازات الأخرى الممنوحة للرياضيين.
لضمان سهولة الوصول، تلتزم الجهات الحكومية والخاصة بالالتزام بالتصميم العام في جميع المرافق والمباني العامة والخاصة. كما يجب تجهيز وسائل النقل العام والمركبات الخاصة للاستخدام العام بوسائل مناسبة لخدمة ذوي الإعاقة للحصول على الترخيص. وفي مجال الإعلام، تلتزم وزارة الإعلام بتوفير مترجم للغة الإشارة في وسائل الإعلام المرئية عند بث الأخبار والبرامج الثقافية وجلسات مجلس الأمة والمؤتمرات، لضمان وصول المعلومات للجميع.
V. دور الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة والجهات المعنية
تعد الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة الجهة المحورية في تنفيذ السياسات والبرامج المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الكويت.
مهام الهيئة وأهدافها
تأسست الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة ككيان ذي شخصية اعتبارية، وتخضع لإشراف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء. تتولى الهيئة مسؤولية القيام بكافة الأعمال والمهام الرامية إلى رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، وتتضمن أهدافها الرئيسية :
- اعتماد السياسة العامة: الموافقة على السياسة العامة لرعاية ذوي الإعاقة ومتابعة تقارير التنفيذ وتطويرها.
- وضع القواعد والإجراءات: تحديد القواعد اللازمة لتحديد الاحتياجات الأساسية للرعاية والتأهيل، ووضع اللوائح والإجراءات المتعلقة بتنفيذ التزامات الدولة.
- خطط العمل المتكاملة: إعداد والإشراف على تنفيذ خطة عمل متكاملة تغطي كافة شؤون الرعاية والتأهيل على المدى القصير والطويل، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية.
- تشكيل اللجان: تشكيل اللجان اللازمة للدراسة والتنظيم وإبداء المقترحات والمتابعة.
- الموارد المالية: قبول المعونات والتبرعات غير المشروطة وتحديد أوجه صرفها، ووضع قواعد إدارة الأموال المخصصة لشؤون الإعاقة.
- التشريع والتعاون الدولي: اقتراح القوانين المتعلقة برعاية وتأهيل ذوي الإعاقة، والموافقة على خطة المشاركة في المؤتمرات الدولية وتبادل الخبرات، ودراسة ومتابعة الاتفاقيات الإقليمية والدولية المعنية بالإعاقة.
- البحث العلمي والكوادر: تشجيع البحث العلمي وإجراء الدراسات الإحصائية، ووضع خطط متكاملة لتوفير الكوادر المحلية وتدريبها.
- حقوق الأطفال والبيانات: ضمان حقوق الأطفال ذوي الإعاقة وتنمية قدراتهم، وإنشاء قاعدة بيانات إحصائية شاملة لهم لضمان شمول خطط التنمية لاحتياجاتهم.
- المساواة والشفافية: ضمان تكافؤ الفرص وعدم التمييز على أساس الإعاقة، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وتقديم تقرير سنوي عن أعمال الهيئة إلى مجلس الأمة ومجلس الوزراء.
المجلس الأعلى ومجلس الإدارة
للهيئة مجلس أعلى ومجلس إدارة لتوجيه أعمالها. يرأس المجلس الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء أو من يمثله، ويضم في عضويته وزراء الشؤون الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم العالي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة، بالإضافة إلى ممثلين عن جمعيات النفع العام العاملة في مجال الإعاقة وأفراد ذوي كفاءة وخبرة في شؤون الإعاقة. يصدر المجلس الأعلى اللوائح الداخلية المنظمة لعمله ويجتمع مرتين على الأقل سنوياً.
أما مجلس الإدارة، فيتكون بقرار من المجلس الأعلى ويرأسه المدير العام للهيئة، ويضم ممثلين عن وزارات الصحة والتربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والعمل والهيئة العامة للشباب والرياضة وديوان الخدمة المدنية، بالإضافة إلى أربعة ممثلين عن جمعيات النفع العام العاملة في مجال الإعاقة وشخصين من ذوي الكفاءة والخبرة. يتولى مجلس الإدارة مسؤولية تنفيذ السياسة العامة للهيئة وإصدار القرارات واللوائح الإدارية والمالية.
دور الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني
تلعب جمعيات النفع العام والمجتمع المدني دوراً حيوياً في دعم حقوق ذوي الإعاقة في الكويت. فهي تشارك في ترشيح واختيار ممثليها في المجلس الأعلى ومجلس الإدارة للهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة. كما تقدم هذه الجمعيات، مثل الجمعية الكويتية للمعاقين، الدعم والخدمات المتخصصة، وتسهم في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع. هذا التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني يعزز من فعالية الجهود المبذولة لضمان حقوق ذوي الإعاقة.
VI. التحديات والعقوبات القانونية
لضمان تطبيق القانون وحماية حقوق ذوي الإعاقة، فرض المشرع الكويتي عقوبات صارمة على المخالفين والمتجاوزين.
مكافحة التجاوزات والاحتيال
يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تتجاوز ألفي دينار كويتي كل من يرتكب أفعالاً تضر بحقوق ذوي الإعاقة أو يستغلها بشكل غير مشروع. تشمل هذه الأفعال تزوير بطاقة الإعاقة أو استخدامها مع العلم بتزويرها، وتقديم بيانات كاذبة أو إخفاء معلومات بقصد الاستفادة دون وجه حق من أي من الحقوق أو المزايا الممنوحة لذوي الإعاقة، ومساعدة شخص غير معاق على انتحال صفة معاق، واستغلال الوظيفة في الهيئة لتحقيق مصالح شخصية. كما يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سبع سنوات وبغرامة تساوي قيمة المال المستولى عليه، مع إلزامه برد المبلغ، كل من ينتحل صفة معاق ويستولي على أموال مخصصة لهم.
عقوبات الإهمال وسوء الرعاية
يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تتجاوز ألف دينار كويتي، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص مكلف برعاية شخص ذي إعاقة يهمل في أداء واجباته تجاهه أو يمتنع عن الوفاء بالتزاماته. تتصاعد العقوبة لتصل إلى السجن ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة آلاف دينار إذا نتج عن هذا الإهمال ضرر لذوي الإعاقة. وفي حال أدى الإهمال إلى وفاة الشخص ذي الإعاقة، تصل العقوبة إلى السجن خمس سنوات وغرامة خمسة آلاف دينار. وفي حالة العود خلال ثلاث سنوات من تاريخ الحكم النهائي، تُضاعف العقوبة.
مخالفات التوظيف واستخدام المرافق
يُعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تتجاوز ألفي دينار كويتي صاحب العمل أو المسؤول الذي يرفض دون عذر مقبول توظيف شخص ذي إعاقة مرشح من الجهة المختصة، أو يفشل في الالتزام بالنسب المحددة لتوظيف ذوي الإعاقة (4% من العمالة الكويتية). تتضاعف الغرامة بعدد الأشخاص الذين وقعت المخالفة بحقهم، وتُضاعف العقوبة في حالة العود خلال ثلاث سنوات. كما يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز شهراً وبغرامة لا تتجاوز مائة دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يستخدم مواقف السيارات المخصصة لذوي الإعاقة دون وجه حق. وفي حالة العود، يجوز للمحكمة سحب رخصة القيادة لمدة لا تتجاوز شهراً. هذه العقوبات تعكس جدية الدولة في حماية حقوق ذوي الإعاقة وضمان تطبيق القوانين المتعلقة بهم.
VII. الخلاصة
تُظهر دولة الكويت التزاماً راسخاً ومتنامياً بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يتجسد في منظومة تشريعية متطورة تتضمن القانون رقم 8 لسنة 2010، وتعديلاته بموجب القانون رقم 73 لسنة 2020، واللائحة التنفيذية الصادرة بقرار رقم 340 لسنة 2022. هذا التطور التشريعي المستمر، الذي بلغ ذروته بإطلاق “دليل الكويت للإعاقة 2025″، يؤكد أن الدولة لا تكتفي بسن القوانين، بل تعمل بجدية على تفعيلها وتوضيحها وتكييفها مع الاحتياجات المتغيرة لهذه الفئة. إن هذا البناء المتدرج للقوانين واللوائح يخلق نظاماً قانونياً قوياً ومتماسكاً، يضمن أن الحقوق ليست مجرد مبادئ نظرية، بل هي قابلة للتطبيق العملي والتحقق منها.
يمثل “دليل الكويت للإعاقة 2025” خطوة محورية نحو الشفافية وتوحيد المعايير في تشخيص الإعاقة وتقديم الدعم. فمن خلال تطويره بالتعاون مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، يضمن الدليل الاستناد إلى أفضل الممارسات العالمية، مما يعزز من قدرة الأفراد ذوي الإعاقة على المطالبة بحقوقهم بوضوح وفعالية. هذا الدليل ليس مجرد وثيقة، بل هو أداة استراتيجية للتمكين العملي، تساهم في تحويل النوايا التشريعية إلى واقع ملموس، وتضع الكويت في مصاف الدول الرائدة في مجال تنفيذ حقوق ذوي الإعاقة.
تتعدد المزايا والحقوق التي يكفلها القانون الكويتي، وتشمل دعماً مالياً سخياً، وفرص توظيف عادلة مع امتيازات وظيفية، ورعاية صحية وتأهيلية شاملة، بالإضافة إلى خدمات تعليمية متكاملة تهدف إلى الدمج المجتمعي الفعال. ومع ذلك، فإن الطبيعة المتشابكة لهذه التشريعات واللوائح التنفيذية تبرز الحاجة الماسة للاستشارة القانونية المتخصصة. ففهم الفروق الدقيقة بين كل وثيقة قانونية وعلاقاتها المتبادلة يتطلب خبرة عميقة، مما يجعل الاستعانة بمكاتب المحاماة المتخصصة، مثل مجموعة المشرع القانونية برئاسة المحامية خيرية الرشيدي، أمراً ضرورياً لضمان حصول الأفراد على كامل حقوقهم.
في الختام، تعكس الجهود المستمرة لدولة الكويت في مجال حقوق ذوي الإعاقة التزاماً وطنياً عميقاً ببناء مجتمع أكثر شمولاً وعدلاً، حيث يتمتع كل فرد بفرص متساوية للعيش الكريم والمشاركة الفعالة في التنمية الوطنية.
